خبر خير – فاطمة رشاد
يتطلع اليمنيون إلى السلام وإنهاء الحرب، في ظل الصراعات التي لم تترك لهم مجالًا للاختيار، يرافق ذلك جهودٌ ومساعٍ ومطالبات ينادي بها نشطاء وحقوقيون في المنظمات والمؤسسات المدنية التي تهتم بنشر ثقافة السلام والتعايش في اليمن في ظل هذه الظروف التي نعيشها في وطن يحلم أفراده أن يعمَّ السلام في أرجائه.
وكان مركز يمن إنفورميشن للبحوث والإعلام قد ذكر في استطلاع له (وحدة المعلومات واستطلاع الرأي) أن 90٪ من المواطنين يؤكدون أهمية تحقيق المصالحة الوطنية لحل الأزمة اليمنية.
هذا وقد أطلقت مجموعة من الإعلاميات اليمنيات مشروعًا بعنوان (نساء يصنعن السلام)، يضم جميع محافظات اليمن.
وقالت مليحة الأسعدي: “إن موضوع التعايش والسلام في إطار منظمات المجتمع المدني يكاد يكون محصورًا في بناء التحالفات، وتنفيذ ورش العمل وأنشطة تستهدف فئات محددة من المجتمع مثل الناشطين والإعلاميين والمؤثرين عمومًا، وهذا ما يجعل السلام يدور في حلقة مفرغة من تكرار المكرر.
وتضيف مليحة: “يندر أن تجد أنشطة تصل مباشرة إلى كل فئات المجتمع، غير أن أكثرها فاعلية هي تلك الأنشطة التي تخرج بمواد موجهة إلى الجمهور تواكب عملية بناء السلام أو تلك التي دخلت مباشرة في موضوع السلم المجتمعي”.
وتواصل مليحة حديثها لخبر خير: “أكثر الأنشطة التي حاولنا أن نحقق بها النموذج الأول هو مشروع نساء يصنعن السلام، وذلك لأن صوت المرأة يعدُّ الأكثر تأثيرًا في الرأي العام محليًّا، ودوليًّا ومن ذلك نشاطي ( ألف وردة للسلام) و(إعلاميات يصنعن السلام) وغيرهما من الأنشطة، التي ــ للأسف ــ توقفت بسبب طول أمد الصراع وشحَّة الإمكانات حيث كانت في جلها معتمدة على الجهود الذاتية التطوعية أكثر من اعتمادها على ميزانية عمل ثابت”.
منصات تصنع السلام
تسعى هدى حربي في منصتها (نسوان) إلى دعم قضايا المرأة في صناعة السلام، وتقول لخبر خير: “لا يخفى على الجميع ما وصلنا إليه من وضع إنسانيٍّ واقتصاديٍّ وسياسيّ واجتماعي صعب في ظل الصراع الذي نعيشه”.
وتضيف هدى: “حاولنا جاهدين رفع أصوات السلام، وإيصال صوت المرأة بخاصة، لأنها المتضرر الأكبر، وذلك بتسليط الضوء على الكثير من صور المعاناة اليومية التي تعيشها، فهي إما أمٌّ فقدت ابنها وإما زوجة اختطف زوجها وإما ابنة أصبحت تعاني من اليتم والجوع والحرمان، وقد تكون مصابة فقدت أطرافها بسبب الألغام، أو أنها تصارع يوميًّا من أجل الحصول على ماء نظيف أو غاز منزلي أو حتى حطب تشعله لتطبخ ما تيسر من طعام يسد الجوع”.
وتتابع هدى شارحة تحدي المرأة اليمنية في ظل هذه الظروف، قائلة: “هناك نماذج نسائية بارزة كانت نورًا يستضاء به في ظل عتمة الصراع وبؤسه، فكثير من النساء قدَّمن أدوارًا مشرفة واستطعن أن يشكلن أبهى صور النجاح والتميز في بيئة أقل ما يقال عنها إنها صعبة”.
وقالت: “حاولنا دائمًا إيصال أصوات النساء الداعيات إلى السلام، وكانت رسالتنا الانتصار للحقوق وإيقاف الصراع العبثي الذي دمَّر كلَّ شيء جميل في داخلنا”.
السلام هو الاحترام
مها عوض (رئيسة مؤسسة وجود) ترى أن السلام هو أساس احترام الحياة التي تقوم على العدل، واحترام حقوق الإنسان، والأمن، وعدم العنف، والحفاظ على البيئة، والاستقرار، والتسامح، والتعاون، وفهم الآخر، والديمقراطية، وحرية التعبير والمشاركة السياسية، وعدم التمييز، والهوية، بما يكفل حماية الأجيال القادمة من ويلات الصراعات وترسبات الماضي التي تهدد مستقبلهم ومعيشتهم”.
برنامج السلام والنساء
“عندما كانت قوى الصراع تحشد للجبهات، النساء كنَّ يحشدن للسلام”. هكذا قالت وداد البدوي (رئيسة مركز الإعلام الثقافي) عن دور المرأة اليمنية في عملية السلام والتعايش، وقد ترجمت ذلك بإعدادها لبرنامجها التلفزيوني جامعة النساء اللاتي عملن على مشروع ترسيخ السلام.
تواصل وداد الحديث: “عملت منذ بداية الصراع على الكثير من القضايا التي تهتم بإرساء عملية السلام، وكنا نلتقي في ظروف صعبة لنقدم رسالتنا للعالم، ومع أنها وصلت بصوت ضعيف إلا أنها تعدُّ مبادرة منا ليصل صوتنا إلى كل الجهات التي تعمل لأجل ترسيخ مبدأ السلام”.
وأضافت البدوي: “مع الصعوبات التي واجهتها لكنني أقول: لم تكن إلا بذرة وبذرناها، تكبر ثمرة جهودنا، نحن إلى اليوم نسعى كي نعمل على السلام والتعايش، هذا هدفنا وهدفي في برنامجي التلفزيوني على قناة السعيدة، النساء والسلام، وحقيقة أقولها: النساء هن السباقات في المناداة بالسلام”.
دفعة السلام
ومن قلب كلية الآداب، وفي قسم الإعلام، وعند تخرج الدفعة العشرين من طلاب الإعلام الذين سمَّوا دفعتهم بدفعة (السلام) قالت إحدى الخريجات عن دفعتها: “اخترنا أن نسمي دفعتنا بهذا الاسم لأننا ندرك أهمية إرساء السلام، برفع أقلامنا وأصواتنا، نحن ـــ إعلاميي المستقبل ـــ سنكون دعاة للسلام، سنكون فخر اليمن لكي نصل إلى السلام والتعايش”.
أحمد عز (من مركز المعلومات والتأهيل لحقوق الإنسان) يقول لـ”خبر خير”: “نعمل على تقديم ندوات ودورات تدريبية لترسيخ السلام والتعايش في اليمن، فالمركز منظمة إقليمية حاصلة على الصفة الاستشارية لدى المجلس الاقتصادي والاجتماعي بالأمم المتحدة، فمنذ تأسيسه في 1995م كان على مبدأ تعزيز مسار حقوق الإنسان وبناء السلام في اليمن والمنطقة العربية”.
وأكد عز قوله: “خلال هذه السنوات الطويلة رصد المركز عشرات الأنشطة والبرامج على مستوى اليمن والمنطقة العربية في هذا المجال، وقدم أول برامج بناء السلام وفضّ النزاعات بالطرق السلمية منذ العام 2001م”.
كما أشار إلى أن تاريخ المركز جعله يستمر في رؤيته بضرورة العمل على بناء السلام، وتعزيز قدرات الشباب في مجال صنع السلام والحفاظ عليه، وخلال عامي 2020 و2021م نفذ المركز عددًا من الأنشطة مع حركة السلام الدائم في لبنان والشراكة العالمية لفض النزاعات بالطرق السلمية”.
وقال أحمد عز “نحن نؤمن أن عملية السلام جهد مجتمعي يقوم على خلق رؤية لدى المجتمع في تجنب الصراع، وإذا حدث انزلاق نحو العنف أو الحرب ــ كما هو الآن ــ فلابد من توعية المجتمع بضرورة القبول بحل النزاع بالطرق السلمية، ثمَّ نعمل بعد ذلك على خلق سلام دائم يقوم على أساس احترام حقوق الإنسان والقبول بالآخر”.
ومن أجل إرساء أسس التعايش والسلام في اليمن، يجب إعطاء أكبر قدر من الدعم لإرساء السلام، وعمل دورات وورش لتعريف الشباب بأهمية السلام والتعايش، وإعطاء الشباب أهمية كبرى ودورًا مؤثرًا في المصالحة الوطنية، ونشر روح السلام والمحبة لدى المواطنين داخل الوطن”.
LEAVE A COMMENT