خبر خير – فاطمة رشاد
قال المهندس وليد الصراري (مدير مكتب الإنشاءات في محافظة عدن): “إنه رُمِّم (12,221) منزلًا متضررًا من الصراع في عدن بتكلفة إجمالية قدرها (22,851,449,013) ريالًا و(24,500,000) دولار، وتوزعت المساكن والمنشآت على ثماني مديريات وهي خور مكسر والتواهي والمعلا وصيرة والشيخ عثمان ودار سعد والمنصورة والبريقة”.
وقال الصراري: “مع الأضرار المتكررة التي لحقت بمطار عدن إلَّا أنه رُمِّم وأُهِّل أكثر من مرة، وهو الأمر الذي سهل على المسافرين حركة السفر، وخفَّف من حدة المعاناة التي كان يتجرعها المسافرون الذين كانوا يضطرون إلى السفر عبر مطار الريان عندما أُغلق مطار عدن”.
ومع ما خلَّفه الصراع الدائر في اليمن إلا أن الحياة مستمرة، فنصف سكانه اليوم يعانون من خسائر فادحة لحقت بالبنية التحتية التي تضررت بفعل الصراع، وقد قُدِّرت تكلفتها بـ١٤مليار دولار.
ووفقًا للتقرير الذي أعدَّه البنك الدولي والأمم المتحدة والبنك الإسلامي للتنمية والاتحاد الأوروبي: فإن الصراع تسبب في أضرار تصل تكلفتها إلى سبعة مليارات دولار، وأضرار اقتصادية بأكثر من 7.3مليار دولار تتعلق بالإنتاج وتوفير الخدمات.
البرنامج السعودي شريك في الإعمار:
حرصت منظمات المجتمع المدني في اليمن على تقديم المنح الإغاثية وكذلك التنموية التي تسهم في تفادي حجم الكوارث والأضرار التي لحقت بالبنية التحية وما ترتب عليها من نتائج، وبدأت بالعمل على البناء.
وتعهد البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن بتنفيذ مشاريع عديدة معمارية وتنموية في اليمن تضمُّ القطاعات الاقتصادية والتعليمية والاجتماعية والصحية، وقد نفَّذ البرنامج 198مشروعًا موزعًا على كثير من المحافظات اليمنية استفاد منها 6ملايين و71 شريكًا.
وقد تمكن البرنامج عن طريق عملية إعادة الإعمار من فتح طرقات وإعادة تأهيل أجزاء من طريق قعطبة في محافظة الضالع، وأسهم أيضًا في تسهيل حركة النشاط التجاري عن طريق تطوير وزيادة قدرات المواني في اليمن؛ من أجل رفع عمليَّة الاستيراد والتصدير وخدمة الصيادين.
وفي المجال الصحي أهَّل البرنامج 17مستشفى ومركزًا طبيًّا في محافظات عديدة جُهِّزت بأحدث المعدات الطبية.
وفي المجال الزراعي والثروة السمكية دعم البرنامج الثروة السمكية عن طريق توفير قوارب الصيد وثلاجات حفظ الأسماك التي ساعدت على توفير مصدر دخل مستقر للصيادين، أما في دعم القطاع الزراعي فقد زُرِع (120) فدانًا بما يعادل (480,000) متر مربع من الأراضي الزراعية وهو الأمر الذي سينعكس إيجابًا على تحسين مستوى الأمن الغذائي وإنعاش الأسواق المحليَّة بالمحاصيل الموسميَّة المتنوعة.
أطلال البيوت
إن ما تقدمه منظومة البرامج والمؤسسات ومنظمات المجتمع المدني الداعمة لليمن من مساعدات لإعادة تأهيل عدد من المباني التي تضررت بفعل الصراع وترميمها يُعدُّ قاصرًا قياسًا بحجم الدمار الذي طال البنية التحتية عمومًا، ولكن يجد المواطن المطحون أن هذه المساعدات وإن بدت يسيرة لكنها أفضل من لا شيء.
وعن حجم الضرر الذي أصاب بيتها تتحدث سهير لموقع “خبر خير” فتقول:”حالنا أفضل من غيرنا فبعد الصراع الذي احتدم في عام 2015م تضرر الطابق الثاني من منزلنا تضررًا كبيرًا، فالشبابيك تكسرت وسقف الصالة تهدَّم، وقد حاولنا ترميم ما تضرر بمساعدة المنظمات التي صرفت لنا مبلغًا متواضعًا لم يكن كافيًا لترميم منزلنا بكامله، واضطررنا إلى الاعتماد قدر الإمكان على إمكاناتنا اليسيرة لترميم البيت الذي يبدو أن الأُسُس فيه تضررت بشدة”.
وبصوت تخنقه الدموع تحدثنا (س، م) عن منزلها الذي سُوِّي بالتراب: “ماذا أقول؟! بيتنا المتواضع تهدَّم كاملًا ومن الصعب علينا أن نعيد ترميمه، نسكن اليوم في بيت إيجار، وعندما أمرُّ على أطلال بيتنا استعيد شريط ذكرياتي وتخنقني العبرة، ليس من السهل أن ترى سنين عمرك أطلالًا متهاوية وليس في اليد حيلة، والحمد لله أننا مازلنا أحياء ولم يُصب أحد منا بمكروه”.
من بين الركام ينهض الأمل
إن الحديث عن الأعمار في ظل الدمار الذي يحيط البلاد هو حجر الأساس الذي يجب أن تبنى عليه أي خطة إعمار لليمن، وهو واقع لا بد أن يؤمن به أيُّ مجتمع يسعى لاستعادة ما سلبته منه سنوات الصراع.
أمُّ سعيد الهادي (من سكان مدينة عدن) تهدَّم منزلها كاملًا ولكنها لم تفقد الأمل في غدٍ أفضل وعن ذلك تروي لـ “خبر خير” قائلة: “نزحنا إلى محافظة حضرموت ثمَّ عدنا إلى عدن ووجدنا منزلنا كومة من ركام، لم نكن نصدق ما كان يخبرنا به الناس في عدن عن أن بيتنا تهدم. ولكننا أعدنا بناء بيتنا من جديد، كما حصلنا على مبالغ ماليَّة من منظمات المجتمع المدني خُصصت لإعادة إعمار وترميم المنازل التي تضررت بفعل الصراع”.
أمُّ أحلام (ربة منزل من مدينة عدن) تتطلع إلى الحياة بأمل كبير وتقول لموقع “خبر خير”: “لا نستطيع أن نعمِّر ما تدمّر بظرف يوم وليلة، نحن نشاهد بوادر الخير من بعض المنظمات التي تعمل على الإعمار والتنمية، كما أننا نعمل بقدر إمكاناتنا على المشاركة في عملية إعمار البلد”.
تضيف أمُّ أحلام “الحل بأيدينا يجب أن يمسك المجتمع بزمام المبادرة ويدعم بقوة المبادرات والجهود الحثيثة لإصلاح ما أفسده الصراع، فمبادرة يسيرة لطلاء مدرسة أو رفع مخلفات الصراع لهي بدايات مشرقة لما هو أكبر من ذلك، لابد من أن نكون سبَّاقين في دعم كلِّ ما يمكن أن يعطي بصيص أمل لهذا الشعب المطحون، والخير قادم بإذن الله”.
إعادة تأهيل المباني التاريخية
وفي خضم عملية إعادة إعمار اليمن قام الصندوق الاجتماعي بتنفيذ مشروع إعادة التأهيل الحضري بتمويل من الاتحاد الأوروبي عبر(اليونسكو) لترميم عدد من المباني والمعالم التاريخية في حضرموت وصنعاء القديمة وزبيد وعدن، وقد أُهِّلت منطقة القاسمي، وبلغت موازنة المشروع 100,000دولار.
بالإضافة إلى تنفيذ مشروع إنقاد المتحف الوطني في صنعاء، وقد بلغت ميزانيَّة المشروع نحو 46ألف دولار، وفي محافظة عدن عمل الصندوق على صيانة الصهاريج، هذا بالإضافة إلى الخطط المستقبليَّة التي تستهدف ترميم عدد من المعالم والمنازل الأثرية في منطقة كريتر.
كما تسعى الجهات ذات الاختصاص والمنظمات والمؤسسات الداعمة إلى تأهيل شبكة الطرقات، حيث أهَّلت عددًا من الطرقات منها طريق جولة كالتكس في مديرية المنصورة في عدن، ورصف طريق الدكة، وغيرها من الطرق التي يجري تأهيلها في المدينة.
إن إعادة إعمار اليمن لابد أن تسير بالتوازي مع جملة من الإصلاحات التي تستهدف القطاع الاقتصادي عمومًا، وذلك سيؤدي إلى ضمان استقرار العملة وتوفير البيئة المواتية للبدء بخطط إصلاح أوسع وأشمل لتعويض الضرر الذي أصاب البلد في مجمل قطاعاته الحيوية.
LEAVE A COMMENT