خبر خير – فاطمة رشاد
“تمنيت لو أنني شرطية” هكذا قالت لنا رؤى التي تمنَّت الالتحاق بالشرطة النسائية، وظل الحلم حبيس فكرها.
تواصل رؤى حديثها بغصة: “عندما أنهيت مرحلة الثانوية كان على أن أختار الكلية التي سألتحق بها، قلت لأهلي: أريد أن أسجل في كلية الشرطة، لم أجد إلا الاعتراضات التي أحبطتني وجعلتني أنزوى في مكاني فكل من في البيت رفض بشدة، وكانت نبرة التهديد حاضرة في حوارهم معي”.
رؤى التي تسلل اليأس إلى داخلها بسبب رفض أهلها أن تلتحق بكلية الشرطة وتحقق حلمها، وجدت نفسها بين خيارين: إما أن تكمل دراستها الجامعية وتتخلي عن حلمها لتصبح شرطية، أو أن تجلس في البيت. وبين حيرتها تلك تأتي صديقة طفولتها التي كانت هي الأخرى قد واجهت الرفض من أهلها لرغبتها في دخول كلية الشرطة لتقررا معًا دخولهما كلية الحقوق، ومن هنا يأتي الطريق إلى النيابة حدَّ قول رؤى.
وتضيف رؤى: “أربع سنوات في كلية الحقوق وأنا أجهز نفسي لأدخل إلى النيابة ولكن “تجري الرياح بما لا تشتهي السفن” إذ لا يزال حلمي معلقًا. توفقت صديقتي بعد التخرج لتعمل في النيابة وأنا لم أجد من أسرتي إلا الرفض، حلمي أن أكون شرطية لا يزال مسجلًا في عقلي قيد التنفيذ”.
المرأة الشرطية مهنة تحتاج إليها العديد من المرافق
العقيد عبده صالح يقول عن مهام المرأة الشرطية لخبر خير: “لا أحد ينكر الدور المهم الذي تؤديه المرأة في الجهاز الأمني، فنحن نحتاج إليها في أماكن وعمليات عديدة، وكانت عدن السباقة في تجنيد النساء للعمل الأمني. لم يكن هناك أيُّ اعتراضات في السابق عن عمل المرأة في السلك العسكري، بل العكس من ذلك كان هناك ترحيبٌ من الأهل لدخولها هذا المجال”.
يواصل العقيد عبده قائلًا: “رأينا من المرأة الشرطية إنجازات كثيرة، فقد قمنا بإعدادهن وتدريبهن عن طريق المعسكرات في أثناء فترة دراستهن في الكلية، هناك من لديها القدرة على عمليات المداهمات خصوصًا عندما يتطلب الأمر وجودها، على الرغم من أن أغلب عملها هو في التفتيش الأمني لاسيما في المطارات ومصلحة الجوازات والمرافق الحكومية؛ أي أن مهامها أغلبها مدنية “.
علياء صالح عمر(شرطية)، تقول: “العمل في المجال الأمني مثل أيِّ عمل مدني يهدف إلى توفير السكينة والأمن للمرأة وحمايتها فيجب أن تكون هناك توعية عن أهمية عمل المرأة في المجال الأمني”.
تواصل علياء حديثها لخبر خير: “نحن نعيش في مجتمع مختلف الثقافات وهناك من ينظر إلى عمل المرة على أنه عيب، وظلت هذه النظرة القاصرة إلى وقت قريب، وكان هناك اعتقاد أن عمل رجل الشرطة يختص بحمل السلاح فقط ولا يعرفون أن لديه مهامًا كثيرة ومتعددة في مجاله الأمني، لهذا كان هناك اعتقاد سائد أن النساء في الشرطة تحمل السلاح مثل الرجال وتذهب لجبهات القتال. لكن الحقيقة أن عمل الشرطة النسائية يرتبط بالأماكن الخدماتية مثل الهجرة والجوازات والمستشفيات والمرافق التي تحتاج إلى وجودها”.
وعن التدريبات التي تلقَّتها علياء تقول: “درست علوم الشرطة التي تهتم بالقيادة والأركان وطرق الكشف عن الجريمة، وهناك مواد إدارية كانت في المنهج تختص بالقانوني. أما فيما يخص التدريبات التي تلقّيتها فقد كانت عبارة عن دورات إنعاش، ودورة عن المعسكرات، بالإضافة إلى كل ما يخص الحركات النظامية والرمي بالسلاح الذي يتدرب الرجال عليه الآن”.
ليلى الناشري التي حصلت على رتبة نقيب تحدثت عن المعاناة التي عاشتها عند رفض أهلها التحاقها بكلية الشرطة بحجة أن هذا العمل غير لائق للمرأة، تقول: “تحملت الكثير لكي أصل إلى ما وصلت إليه اليوم بعدما بدأ الجميع يتقبل عملي كوني شرطية نسائية”.
وأضافت: “لا أحد ينكر دور الشرطة النسائية في حفظ الأمن، ولأني اخترت أن أكون شرطية فقد تحملت الكثير لخدمة مجتمعي وبخاصة النساء اللاتي هن الحلقة الأضعف في المجتمع”.
رؤية نفسية
تقول الاختصاصية النفسية والاجتماعية نور محمد: “مع بنية المرأة الجسمانية التي لا تقارن بالرجل إلا أنها قادرة على تولي مهام ومهن اختص بها الرجل دائمًا، وهذا الأمر لا ينتقص من كونها امرأة، بل بالعكس تتلقى المرأة التي تلتحق بالعمل الأمني التدريبات القتالية التي لابد لأي فتاة أن تتقنها ولو جزئيًّا، وإن عدنا إلى التاريخ الإسلامي لوجدنا أن هناك نساء ذُكِرن بمشاركتهن في بعض الغزوات في تاريخنا الإسلامي، ولا يجب لأحد أن يقلل من دور المرأة أو مكانتها فهي قادرة على التحمل والقيام بأعمال كثيرة تحسب لها”.
وتقدم سعاد القاضي(شرطية) حلولًا من الممكن أن تساعد المجتمع على تقبل عمل المرأة في الجهاز الأمني، قائلة: “يجب أن تتغير النظرة النمطية والسطحية لعمل المرأة في مجال الأمن، كما يجب أن تعطى لها الفرصة لإبراز إمكاناتها في العمل وذلك عن طريق تحفيزها ورفع رتبها العسكرية، بالإضافة إلى عقد ورش التوعية التي توجه أفراد المجتمع إلى أهمية دور المرأة الشرطية.
LEAVE A COMMENT