خبر خير – فاطمة رشاد
في ظلّ استمرار جائحة كورونا احتفلت الأُمم المتحدة باليوم العالمي للنحل افتراضيًّا في 20 أيَّار 2021م تحت شعار ” مشاركة النحل – إعادة البناء بشكل أفضل للنحل”.
وأثَّر الصراع سلبًا في القطاعات الإنتاجية عمومًا، وامتدَّ أثره ليشمل إنتاج النحل اليمني وتصديره، كما تسبب في توقف حركة النَّحالين من وإلى الأودية التي اعتادوا الانتقال إليها في فصول السنة للحفاظ على النحل من عوامل الطقس، حيث يؤدي التبديل بين المراعي إلى تكاثر النحل وانتاج أنواع مختلفة من العسل طبقًا لتنوع المرعى.
وقال فؤاد الصبيحي (مربي نحل في محافظة لحج): “إن استمرار الصراع قيَّد من حركة تنقلي بين محافظتي تعز وشبوة مع الخلايا التي أمتلكها، وقلل من فرص تكاثر النحل، الأمر الذي أفقدني30% من خلايا النحل، كما قلل من جودة العسل المنتج الذي يعتمد بدرجة أساسيَّة على التنوع في الغطاء النباتي”.
وعن عدم جدوى الحلول التي يضعونها لمشكلة النحل يضيف الصُبيحي “أن الحلول التي نضعها للحدِّ من استنزاف خلايا النحل لم تعد مجديَّة في مجملها خصوصًا مع وجود عوامل أُخرى تزيد من معاناتنا كنحالين” .
من جهته يقول سعيد حدَّاد (مربي النحل في محافظة شبوة وادي جردان المعروف بإنتاج عسل السدر المشهور): ” تواجهنا عوائق عديدة عند تربية النحل تبلغ أوجها في فترة الجفاف، بالإضافة إلى الاستخدام غير الرشيد للمبيدات الحشرية في المزارع، كما تتعرض الكثير من الخلايا إلى التجريف بفعل سيول الأمطار”.
حلول ومعالجة يمنية للحفاظ على النحل
في ظل الأوضاع التي يعيشها اليمن يعد وضع الحلول التي تجتث المشكلة صعبًا، ولكن لا يعني هذا أن يجري القبول بالأمر الواقع ومعايشته، فقد وضعت حلولٌ لمعالجة الصعوبات التي تواجه النحالين وتؤدي إلى تناقص أعداد خلايا النحل.
حيث يقول المهندس رفيق الحكيمي (مدير المركز الوطني لأبحاث تربية النحل والعسل اليمني): ” نقوم بواجبنا في حماية النحالين، عن طريق تنظيم حملات رش المبيدات الزراعيَّة التي تضر بالنحل، وهي جهود ذاتية يقوم بها أعضاء فريق الرابطة، لكن لابد من التدخل السريع للجهات ذات الاختصاص لحماية الثروة النحلية، التي إذا جرى الاهتمام بها وتصديرها ستسهم في تعزيز الناتج المحلي للبلد”.
والحلول التي يمكن التعويل عليها لتنمية ثروة النحالين تتمثل في مجملها باعتماد زراعة محاصيل موسميَّة تسهم في تنوع العسل واعتماد بيئة زراعية طبيعية والحدّ من استخدام المبيدات الحشرية.
وقال رفيق الحكيمي: “هناك حلول ومقترحات يمكن أن تحدَّ من المشكلات التي تواجه النحالين اليمنيين، وهي مساعدة النحالين في تسويق منتجاتهم من العسل والمحافظة على الغطاء النباتي بخاصة أشجار السدر والسلام وزراعة أشجار مفيدة لمرعى النحل وإيقاف عملية التحطيب الجائر التي تحرم النحل من المراعي الغنية بأشجار السُمر”.
هذا بالإضافة إلى ضرورة تقديم التدريب والتأهيل للنحالين. وقد قام الصندوق الاجتماعي للتنمية بتوفير الدَّعم اللوجيستي الذي يحتاج إليه النحالون بعد تسليمه الأدوات المحليَّة لعدد 700 نحال. والمتابعة والتقصي تحدد مدى الاستفادة من التدريب، كما تحدد ما إذا كان النحالون يحتاجون إلى الدعم الميداني ونوع ذلك الدعم.
منظمات تدعم قطاعات النحل الإنتاجية
تقدم منظمة “الفاو العالميَّة” دعمها للقطاعات الإنتاجيَّة المختلفة للنحالين أفرادًا وجمعيات حماية النحل وذلك عبر شركائها من الجمعيات والمؤسسات والمنظمات الفاعلة في اليمن.
وخصصت الفاو هذا الدعم للأسر الفقيرة حيث عملت على تحسين دخل هذه الأُسر عن طريق توفير فرص العمل لها، وذلك بتوزيع خلايا النحل عليهم ومساعدتهم على بيع منتجات العسل المختلفة مثل: حبوب اللقاح والشمع وغذاء الملكات …
وقالت مؤسسة ميار لموقع “خبر خير”: “إن المنظمات والجمعيات الشريكة وزَّعت خلايا نحل عبر مشروع مولته منظمة الفاو العالميَّة للمستفيدين في اليمن”
ووكَّدت مؤسسة ميار التنموية أنه جرى توزيع 1800خلية نحل و360 فرازة عسل( أداة ميكانيكية تستخرج العسل) على المستفيدين موزَّعة على ست مديريات في محافظتي شبوة وأبين”.
وأضافت: “أن كلَّ مديرية حصلت على300 خلية نحل لعدد 60 نحالًا، حصل كلٌّ منهم على5 خلايا، كما حصلت كل مديرية على فرازات عسل عددها 12 فرازة، كل5 نحالين مشتركين بفرازة واحدة”.
وقال محمد عمر (أحد المستفيدين): ” قدمت لنا جمعية النحالين في محافظة حضرموت خلايا نحل، بعد أن تقدمت إلى الجمعية بطلب مشروع تربية نحل، وكانت الجمعية آنذاك توزع الخلايا ضمن مشروع منظمة الفاو فحصلت على خليَّة واحدة واستطعت أن أحقِّق نجاحًا في تربيَّة النحل واليوم امتلك خمس خلايا، الأمر الذي ساعدني على تحسين دخلي الخاص”.
ويعدُّ مشروع تربية النحل من المشاريع المهمة في محافظة حضرموت التي تنتج أجود أنواع العسل اليمني وهو (العسل الدوعني) أو ما يسميه بعضهم بعسل (السدر).
“إن جودة العسل وكميته هي من تحدد حجم الأرباح” هكذا قال النحال سعيد حداد الذي حدَّد ربحه النسبي من كل خليَّة بما يقدر بـ(40) ألف ريال يمني وأحيانًا لا يحقق ربحًا ولا يخسر موكِّدًا أن الحصول على عسل السدر اليمني هو الذي يمكن النحال من الربح المضمون، فـإذا كان النحال يملك 200خلية فإن ربحه يصل إلى ثمانية مليون ريال، وبعد خصم نفقات السنة يصل ربحه إلى 5 مليون ريال يمني وهو رقم نسبي”.
مناطق مشهورة في تربية النحل في اليمن
ووكَّد رفيق الحكيمي (المركز الوطني لأبحاث تربية النحل) أن النحالين يتوزعون في مناطق مختلفة من اليمن ويتركزون في المقام الأول في محافظات أبين، وشبوة، وحضرموت.
وقال الحكيمي: “إن عدد النحالين في الجمهورية اليمنية 20 ألف نحال، وبتعداد مليون ونصف خلية نحل وأغلب النحالين يربون النحل بطرق تقليدية بنسبة 90٪، أما عدد خلايا النحل الحديثة في اليمن فقليل، ومازال النحالون يقومون بنقل الخلايا إلى مناطق مختلفة؛ لضمان جودة العسل”.
المعالجات
وفقًا للأمم المتحدة فإن ” النحل معرض للانقراض فهناك تزايد في معدلات انقراض الأنواع الموجودة من 100 إلى 1000 مرة عن المعدل الطبيعي بسبب الآثار البشرية.
ويواجه زهاء 35% من الملقحات اللافقارية وبخاصة النحل والفراشات، وزهاء 17% من الملقحات الفقارية مثل الخفافيش تهديد الانقراض على مستوى العالم.
الأمر الذي سيؤدي إلى استبدال محاصيل أساسية مثل الأرز والذرة والبطاطس بالمحاصيل المغذية من مثل الفواكه والمكسرات وعدد من محاصيل الخضروات، مما يؤدي في النهاية إلى نظام غذائي مختل، الأمر الذي يتزامن مع التغييرات في المناخ واستخدام المبيدات واتباع طرق زراعيَّة معتمدة على تعديلات وراثية غير مدروسة، كل ذلك سينعكس أثره في مستعمرات النحل، وعلى طبيعة الغذاء عمومًا، وفقًا للبيان الذي نشرته الأمم المتحدة في موقعها”.
واستنادًا إلى الدراسة التي أجراها محمد خنبش على النحل فإن النحل اليمني يتميز بأنه السلسلة النادرة المتبقية التي تتنمي إلى نحل العسل العالمي، وللحفاظ على هذه السلسة يجب أن تجهز البيئة الملائمة والمعزولة للحفاظ على هذه السلسة من النحل.
وإضافة إلى العسل الدوعاني والصال وعسل المراعي وغيره يوجد في اليمن العسل السقطري (العسل الأحمر)، واكتسب هذا الاسم من لونه الأحمر لأن النحل يتغذى على شجرة دم الأخوين، وعلى الأشجار والنباتات الأخرى النادرة التي لا توجد إلَّا على هذه الجزيرة. وتتراوح أسعار العسل اليمني في السوق المحلي للكيلو الواحد ما بين15 إلى 70 دولارًا بحسب جودة العسل اليمني ونوعه.
LEAVE A COMMENT