خبر خير – فاطمة رشاد
تمتاز اليمن بالتنوع المناخي الذي يؤدي إلى تنوع المحاصيل الزراعية من الفواكه والخضروات على مدار العام.
يسود جنوب اليمن الطقس الحار صيفًا والمعتدل شتاء، أما في الشمال فالطقس يميل إلى البرودة في فصل الشتاء، وإلى الاعتدال في فصل الصيف، أما في غرب ووسط اليمن فالطقس يميل إلى الاعتدال طوال العام. التنوع في المناخ أدَّى إلى تنوع الغطاء النباتي في اليمن، مما جعل اليمن مَعْرضًا يزخر بالألوان والطعوم المختلفة من الفواكه والخضروات الموسمية طوال العام.
التنوع البيئيُّ في اليمن واتباع طرق الزراعة التقليديَّة وخصوبة الأرض حسَّن من جودة الفواكه اليمنية التي عُرفت بطعمها ونكهتها المميزة، الأمر الذي جعلها محط إقبال من دول الجوار.
وتشتهر اليمن بزراعة الفواكه المتنوعة مثل: ” المانجا، التمور، العنب، الموز، البرتقال، التفاح، اللوز، الرمان، الخوخ، الليمون، البابايا، اليوسفي، البرقوق، الجوافة، السفرجل، والعباسي، التين، التين الشوكي، والفراولة، إضافة إلى فواكه أخرى”.
عوائق تواجه مزارعي الفواكه:
يواجه المزارعون في اليمن صعوبات جرَّاء هبوط الريال أمام الدولار وذلك بفعل الصراع المستمر منذ أعوام، مما أثر سلبًا في النشاط الزراعي من جهة وقلل من حجم الإنتاج وتوزيعه في السوق المحليَّة.
عامر مصلح (مزارع من محافظة إب) يقول لموقع خبر خير: “نجد صعوبة في شراء السماد والبذور. كما تقلصت مساحة الأرض التي أقوم بزراعتها، فقد كنت قبلُ أزرع البن والتين الشوكي، ولكنني الآن اضطررت إلى الاكتفاء بزراعة التين الشوكي لأنه لا يكلف المزارع أعباءً كثيرة”.
صالح خالد (بائع فواكه من محافظة لحج) يؤكد أن الناس تُقبل على شراء الفواكه المحليَّة؛ بسبب جودتها وسعرها المناسب، أمَّا الفواكه المستوردة فالأقبال عليها محدودٌ كونها غير طازجة وغالية الثمن.
وقال: “نحن لم نعد نجلب الفواكه المستوردة؛ لضعف الأقبال عليها خصوصًا فاكهتي البرتقال والتفاح، فالمشتري يفضل الفاكهة المحلية في موسمها”.
مبيدات حشرية مجهولة الصنع
انتقلت عدوى رشِّ المبيدات الزراعية من رشِّ القات إلى رشِّ الفواكه؛ بهدف القضاء على الآفات الزراعية وتسريع عمليات جني محصول الفواكه عن طريق إنضاجها قبل أوانها؛ مما قلَّل من جودة الفواكه التي تُرشُّ بالمبيدات الحشريَّة .
قال المهندس جلال سالم (من مكتب الإرشاد الزراعي):” انتشرت في الآونة الأخيرة مبيدات حشرية تجارية لا نعلم مصدرها المُصنع، ولا نعلم مدى التزامها بمعايير السلامة والأمان ومن الممكن أن يكون أثرها ضارًّا على الإنسان والزراعة”.
وطالب المهندس جلال الجهات المعنية بمنع دخول المبيدات الزراعية الضَّارة التي تتسبب في تلف المحاصيل الزراعية وتؤثر في جودة المنتجات.
وقال: “هناك قائمة بالمبيدات الزراعية التي اعتمدتها اليمن، وهي مبيدات تأكدنا من سلامتها على الإنسان وعلى الأرض، وتشمل ما يقارب 300 صنف من المبيدات الزراعية المسموح باستخدامها في اليمن، ويجب الالتزام بها وعدم السماح بدخول مبيدات أخرى مجهولة المصدر”.
زحف العمران وزراعة القات
تزحف المدن باتجاه الأراضي الزراعية وتهدد المساحات الزراعية الخضراء في البلاد، فخلال العقدين الماضيين نمت وتوسعت المدن اليمنية بنسبة 70%، مما أثر في الأراضي الزراعية، فجميع عمليات البناء والتوسع العمراني للمدن في اليمن تقام على الأراضي الزراعية.
وقال المهندس حمود الرصاص (مدير مكتب الزراعة والري في محافظة إب): “من المشكلات الصعبة التي تواجه المزارعين في المحافظة انتشار المساحات المزروعة قاتًا، والزحف العمراني على الأراضي الزراعيَّة”.
وأضاف الرصاص: “أن عمليات البناء في محافظة إب التهمت معظم الأراضي الزراعية الخصبة والوديان المعروفة بزراعة الحبوب والفواكه والخضروات”.
ووكَّد الرصاص “أن زراعة القات هي الأُخرى تقلُّص من المساحات المزروعة بالمحاصيل الزراعية كالفواكه والخضروات والحبوب”.
ويوكِّد الرصاص أيضًا “أن دودة الحشد الخريفي أو الأفريقي دخيلة على اليمن، فقد دخلت مع البذور التي تُوزَّع عبر المنظمات، وتصيب هذه الدودة الذرة الشامية والذرة الرفيعة بنسبة كبيرة”.
من جهته قال المهندس جلال سالم (من مكتب الإرشاد الزراعي في محافظة لحج) “إن المشكلات التي تواجه المزارعين فنية وتتمثل في الإنتاج الوطني من المحاصيل البستانية في أثناء عملية الحصاد وما بعد الحصاد وسوء ظروف التخزين وتدني نوعية الثمار من حيث الحجم والشكل والتجانس والنضج والمحتوى الداخلي”.
وأضاف: ” أن تدهور جودة الثمار سببه عدم الاحتفاظ بالأصناف المحلية والمواصفات المرغوبة وعدم تطبيق وسائل وتقنيات حديثة لعملية التسويق الداخلي والخارجي وانخفاض القيمة التسويقية للمنتجات المحلية وعدم قدرتها على المنافسة الخارجية”.
كما أشار إلى الممارسات الزراعية الخاطئة إلى جانب عدم اهتمام المزارعين بطرق الزراعة الصحيحة، كل ذلك يؤثر في كمية الإنتاج وزيادته في المساحة نفسها.
ووكد سالم ” أن هناك طرقًا خاطئة يقوم بها المزارع تؤثر في جودة المحصول مثل الجني المبكر للثمار وعدم معرفة علامات النضج وكذلك سوء عملية الحصاد وطرق الجني”.
وقال: ” يتعامل المزارعون ــ ما بعد الحصادـــ مع المحصول تعاملًا سيِّئًا عن طريق (الفرز، التدرج، الجمع، والتعبئة) وكذلك يستخدمون عبوات غير مناسبة ويمارسون الإنتاج الصناعي؛ أي استخدام الكربون فيصاب المحصول بالأمراض والآفات الحشرية والفطرية والبكتيرية نتيجة سوء عملية التعبئة والتخزين والنقل والتداول”.
ارتفاع أسعار الوقود
عبد الله فضل (مسؤول عن ريِّ المزروعات في محافظة لحج مكتب الزراعة) يقول” ريُّ الفاكهة يختلف في استهلاكه للمياه بحسب المساحة، وأكثر الفواكه استهلاكًا للمياه هي الموز والعنب والرمان، أمَّا المانجا والجوافة والعباسي، والعاط، فإن استهلاكها للمياه متقارب ولا تتحمل العطش لفترة طويلة”.
واسترسل فضل في حديثه ليوضِّح الصعوبات التي تواجه المزارعين في أثناء ريّ محاصيلهم قائلاً: ” عمومًا أهم الصعوبات تكمن في ارتفاع أسعار الوقود، كما أن الحلول البديلة التي تمثلت في الاعتماد على الطاقة الشمسية كبديل للوقود لم تعد مجديَّة بسبب ارتفاع سعر الألواح الشمسية التي يعجز عن دفع قيمتها المزارع الفقير والمتوسط الحال، ومن الصعوبات الأخرى هو عدم وجود الكادر المتخصص في معالجة الآفات الزراعيَّة”.
حزمة الحلول والمعالجات الأوليَّة
يضع المهندسان “الرصاص وجلال” مجموعة من الحلول الأساسية للحدِّ من الصعوبات التي تواجه مزارعي الفواكه في اليمن، أولها أن يكون هناك فنيون متخصصون في الإرشاد الزراعي، بالإضافة إلى ضرورة وجود المراكز الإرشادية التي توعِّي المزارعين وتُوزَّع النشرات الإرشادية عليهم.
وفي عملية دمج بين السلطة المحلية والمتخصصين والمزارعين يجب أن توجد أوقات للاجتماع وهي الأيام الحقلية التي يجتمع فيها المزارعون والقادة المحليون، وفي هذه الاجتماعات تجري عمليَّة التوعية والإرشاد حول كيفية إنتاج محصول مثالي عن طريق انتخاب البذور وتحضير السماد البلدي، ومكافحة الآفات والأمراض التي تصيب المحصول الحقلي بالمبيدات المصرح بها. كما يجب أن تتوفر لدى مكاتب الإرشاد الزراعي موازنة تشغيلية لجهاز الإرشاد الزراعي، وكذلك توفير آليات العمل الإرشادي، حتى يتمكن مكتب الإرشاد من تقديم الفوائد الإرشادية للمزارعين وايجاد توصيات بحثية جديدة من مراكز الأبحاث لتقديم المعالجات الممكن تطبيقها بأقل تكلفة.
LEAVE A COMMENT