خبر خير – رُقيَّة دنانة
إيمانًا بمبادئ الأمم المتحدة حول المساواة بين الجنسين في المجالات كافة، ولأن النساء والفتيات يمثلن نصف سكان العالم، ومن ثمَّ نصف إمكاناته، فإن المساواة بين الجنسين تصبح ضرورة لا مجال للحياد عنها في سبيل تحقيق السلام في المجتمعات وإطلاق إمكانات المجتمع الكاملة.
وانطلاقًا من هذه المبادئ، أخذت منظمات المجتمع المدني اليمنيَّة، وبدعم من المنظمات الدوليَّة، على عاتقها التوجه بالدعم للمرأة بهدف إشراكها المساوي للرجل في مختلف القطاعات المؤثرة في المجتمع لا سيما الإعلامي منها .
أنشطة ومشاريع منظمات المجتمع المدني
سلكت منظمات المجتمع المدني سبلًا مختلفة لبناء القدرات الصحفية لدى الإعلاميَّات في اليمن، وذلك عن طريق إعطاء أولويَّة لتدريبهنّ في مختلف المجالات الاجتماعية والإنسانية.
وحرصت المنظمات المدنيَّة على إعطاء المرأة الإعلاميَّة مساحة كبيرة من الخبرات والمعلومات لتمكينها من تقديم رؤية إعلاميَّة مؤثرة على الصعيد المجتمعي، خصوصًا صحافة السلام، وكل ما يتعلق بدور الإعلام الهادف إلى التقريب بين الرؤى المُتباينة والتركيز على القضايا الإنسانيَّة بعيدًا عن الانتماءات والتحزبات، التي تُساهم في كثير من الأحيان في تأجيج الصراعات.
ويفيد المدير التنفيذي لمركز الدراسات والإعلام الاقتصادي محمد إسماعيل: “أن المركز يعمل في جوانب مختلفة لتنمية الإعلام في اليمن. فإلى جانب بناء قدرات الصحفيين والصحفيات في مجالات الصحافة الحساسة للنزاعات والتغطية الصحفية لقضايا العنف القائم على النوع الاجتماعي والصحافة الإنسانية ومجالات أُخرى عديدة، عمل المركز على دعم إنتاج المئات من المواد الصحفية”.
وأضاف إسماعيل: “يهتمّ مركز الإعلام الاقتصادي اهتمامًا خاصًّا بحقوق المرأة، حيث تحضر المرأة الصحفية في جميع برامج المركز بنسبة ثابتة لا تقلّ عن ٣٥٪ من إجمالي المستهدفين، إضافة إلى أن المركز يهدف إلى تنفيذ برنامج خاص لدعم قضايا النساء وحقوقهن بوجه عام”.
وواصل اسماعيل حديثة قائلاً: “إن مشروع (مكانتي)، الذي نفّذه المركز بالشراكة مع الوكالة الفرنسية لتنمية الإعلام وبتمويل من الخارجية الفرنسية، هدف إلى مناصرة قضايا النساء وحقوقهن مع التركيز على دعم الصحفيات للوصول إلى مراكز القرار في المؤسسات الإعلامية. وتأتي هذه البرامج استجابة لرؤية وأهداف المركز الذي يحثّ على تنمية الإعلام بكونه أحد أهمّ محاوره إلى جانب القطاع الاقتصادي الذي يهدف إلى إيجاد اقتصاد ناجح وشفاف”.
ذأكَّد إسماعيل أن: “في العام الماضي، درَّب المركز أكثر من ٢٠٠ صحفية في مجالات مختلفة حيث أُنشِئت شبكة لدعم قضايا العنف القائم على النوع الاجتماعي وجلَّ أعضائها من النساء بالإضافة إلى إنشاء شبكة مكانتي التي يصل عدد الصحفيات المشاركات فيها إلى أكثر من ٩٠٪ من عدد المشاركين”.
العمل بالمناصفة
تسعى أغلبية القوانين الموقّعة من قبل دول العالم إلى وصول المرأة إلى مراكز صنع القرار وإعطائها الأولوية في مختلف مجالات الحياة، ومنها قرار مجلس الأمن (1325) لعام 2000م، الذي يؤكد دعم المرأة ووصولها إلى أماكن صنع القرار ومشاركتها الفاعلة في بناء السلام.
ويقول رئيس مؤسسة الصحافة الإنسانية بسام القاضي: “إن الهدف الأساس الذي تسعى إليه مؤسسة الصحافة الإنسانية هو وصول المرأة إلى مراكز صنع القرار. ومن ثمًّ فإن أغلب مشاريع المؤسسة تكون بالمناصفة بين الصحفيين والصحفيات حيث نحاول قدر الإمكان أن ندفع بالصحفيات من مُختلف المكونات إلى المشاركة في البرامج الإعلامية على نطاق واسع”.
ويضيف القاضي: “ساهمت أنشطة مؤسسة الصحافة الإنسانية في إشراك ٤٠٪ من الصحفيات من أصل ٧٠٠ صحفي وصحفية من مختلف محافظات اليمن، من أجل تمكينهن من إنتاج المواد الإعلامية باحتراف في مجال الصحافة الإنسانيَّة، وصحافة حقوق الإنسان، وصحافة النوع الاجتماعي”. كما أكَّد أنَّ: “المؤسسة تقدّم للمتدربات خدمة الاستشارة الإعلامية لمساعدتهن على اختيار موضوعات يمكن إنتاجها لمؤسسات إعلاميَّة مختلفة، وليس فقط لمؤسسة الصحافة الإنسانية. بالإضافة إلى أن المؤسّسة قد عملت على عقد دورات خاصَّة للصحفيات في مجال الأمن الرقمي في سبيل مساعدة الصحفيات على حماية خصوصياتهن” .
تمكين وإثبات للمرأة
في ظلّ التحديات التي تواجه الإعلامية اليمنية وتعيق وجودها المؤثر في مختلف المجالات الاجتماعية والسياسية التي تتعلّق بجملة من المؤثرات المتصلة ببنية المجتمع الثقافيَّة، إلَّا أنَّ دعم المنظمات المدنية ساهم في إعادة توجيه الرأي العام لضرورة تقبّل وجودها كمشارك مكافئ للرجل في هذه الوظيفة التي كان يُنظر لها على أنها حكرٌ على الرجل.
وعن تجربتها مع منظمات المجتمع المدني تروي الناشطة أمة الرحمن العفوري: “أوّل تجربة لي كانت مع مؤسسة رنين اليمن في ٢٠١٧م. إذ كنت قد جئت من القرية ولم أكن أعرف ما تعنيه منظمات المجتمع المدني، وكنت أجهل تأثيرها في المجتمع حيث كنت أعيش في بيئة معزولة نوعًا ما. وعندما بدأت في دراسة الإعلام في كُليَّة الإعلام في جامعة عدن، تدرّبت لأول مرة في برنامج تدريبي متكامل تحت اسم “قادة اليمن” حيث شكلنا شبكة “قادة للتنمية – عدن” الذي نُفذ من قبل مؤسسة رنين. فكان هذا التدريب انطلاقة قوية لي، ومكنني من فتح آفاق في المجال الإنساني الذي أعمل فيه الآن”.
وتضيف العفوري: “كان لمؤسسة رنين دورٌ مهمٌ لي حيث علّمتني لأول مرة كتابة أوّل خطة مشروع وقبل ذلك لم أكن أعرف الكيفية التي تكتب بها المشاريع. وقدمت خُطتي ضمن 20 مشاركًا ومشاركة من مختلف المحافظات، وعلى إثر ذلك شاركت في مؤتمر في قطر عام ٢٠١٨- ٢٠١٩م .
وواصلت العفوري حديثها قائلة: “إن الأثر الإيجابي الذي ينعكس على المتدرّب منوط برغبته في صقل موهبته الشخصيَّة وتحقيق الاستفادة القصوى من الأنشطة المختلفة التي تقدمها له منظمات المجتمع المدني، كلٌّ في مجال اختصاصه، الأمر الذي يساعد المتدرّب فيما بعد على الانخراط في العمل الميداني”. وأضافت: “التحقت بمعية زملائي بالبرنامج التابع لمؤسسة “ألف باء” الذي أكسبنا مهارة التواصل مع المجالس المحلية، وكوّنا فيما بعد مجلس ظلّ شبابي، كما عملنا مع السلطة المحلية في مديرية خور مكسر”.
وأخيراً شدّدت العفوري على دور منظمات المجتمع المدني التي نجحت في إشراك الشباب في العمل مع السلطة المحليَّة قائلةً: “أعمل الآن مع البرنامج التدريبي لشباب مشاورات عدن التابع لمنتدى التنمية السياسية الذي ساعدنا كثيرًا بوصفنا مجموعة شباب أن نعمل مع مختلف الأطياف السياسية”.
خبرة ومهارة
من جهة أُخرى ترى مروى صالح، مذيعة في إذاعة المكلا، أن: “الأنشطة المختلفة التي تقدّمها منظمات المجتمع المدني التي تستهدف تنمية قدرات الصحفيين والصحفيات من مختلف المحافظات تساعد الصحفي على التعرّف على الصعوبات التي تواجه زملاءه الصحفيين في بيئاتهم المختلفة ومدى الحريَّة الإعلاميَّة من عدمها التي يحظى بها الصحفي، الأمر الذي يساعدنا على معرفة الإمكانات المتاحة لدينا عند كتابة المادة الصحفية والصعوبات التي قد تواجهنا”.
وقالت مروى: “إن المواد التي ينتجها الصحفيون بعد تلقيهم التدريب تجمع بين أمرين مهمين أولهما تمكينه من تطبيق ما تعلّمه وثانيهما توفير مصدر دخل جيد، بالإضافة إلى أن تنوّع الموضوعات التي تطرقها الدورات التدريبية التي تستهدف الصحفيين تساهم في التقاط أفكار ملهمة لكتابة مادة صحفية مميزة”.
ومع تعدد التدريبات والأنشطة المختلفة التي تقدمها منظمات المجتمع المدني في اليمن التي تستهدف الإعلاميات، إلَّا أن الوقت ما زال مبكرًا للقول إن الإعلاميَّة تكافئ الإعلامي في الحضور في الساحة الإعلاميَّة اليمنيَّة. ولذلك، تهدف منظمات المجتمع المدني إلى وضع المزيد من الخطط والبرامج التي تستهدف الإعلاميَّات اليمنيات العاملات في مختلف الوسائط الإعلاميّة المرئية والمسموعة والمكتوبة.
LEAVE A COMMENT