خبر خير – عبد الجليل السلمي
تنوعت استراتيجيات المواجهة التي يتبناها اليمنيون لمجابهة الفقر، وتكاليف الحياة والتزاماتها الباهظة، وتجاوز التحديات الاقتصادية التي خلفها الصراع، إذ عملوا على ابتكار صناعات تتناسب مع الأوضاع الاقتصادية للسكان.
وخلقت ورش الصناعات الصغيرة ــ إعادة تشكيل الحديد الخردة إلى أدوات منزلية متعددة ــ سوقًا جديدًا ورائجًا، وصلت منتجاته إلى مختلف أسواق المحافظات اليمنية.
يقوم عمال ماهرون بإنتاج أدوات منزلية، من صناديق وخِزانات للملابس وطاولات جميلة الشكل يُنتفع بها في ظل ارتفاع أسعار المواد الجديدة المستوردة. واللازمة لصناعة مثل تلك الأشياء.
وتتميز منتجاتهم بقياسات دقيقة وأشكال متميزة على الرغم من العوائق التي يوجهونها جراء هذا العمل الشاق، ما يدل على براعة هؤلاء العاملين، وفي ذلك يقول هيثم قائد: ” نجد مصاعب بتحويل حديدة الخردة إلى أدوات منزلية، ونتعب في النقل والتقطيع، لأنها تُعد من الأعمال الشاقة”.
وأوضح قائد، أن عمليات تحويل حديد الخردة إلى أمياز (طاولات) مطابخ، تمر بخطوات عديدة، تبدأ بتوفير خزانات الحديدة الخردة، تليها عمليات القص والتعطيف، ثم نختم باللحام، بعد ذلك نقوم بطلائها، ثم نعرضها للبيع.
وأكد هيثم قائد الذي يملك ورشة لإعادة تأهيل الخردوات بحي الحصب غربي مدينة تعز، في حديث لموقع “خبر خير” أن أمياز المطابخ هي الأكثر طلبًا ومبيعًا، وتُنتجها ورشته بصورة مستمرة، مشيرًا إلى أنه يصنع قطعًا أخرى بحسب طلب الزبون.
ولفت النظر إلى أن مواد الحديد التالفة تُجمع يوميًّا، ويحصل على عشر خزانات على الأقل في الأسبوع.
واتجهت كثير من الأسر اليمنية إلى استبدال الأفران التي تعمل بالغاز إلى مواقد الفحم لتحضير الطعام، واستخدام أمياز (طاولات) رخيصة الثمن للمطابخ تفي بالغرض، عوضًا عن المطابخ الحديثة التي تزيد أسعارها كل يوم.
ويَجمع أصحاب ورش إعادة تشكيل الحديد الخردة الحديدَ كالخزانات التالفة، وعلب السمون ( السمن) والأجبان، والتمور، من مقالب القمامة أو شرائها من عمال الخردة.
وقال سفيان أحمد (أحد العاملين في ورش إعادة تشكيل الحديد الخردة) لـ”خبر خير”: نستفيد من البراميل التالفة، نقطعها بالمقص إلى قطع صغيرة، ونشكلها بشكل أمياز للمطابخ والشول (موقد).
وأضاف، كل شيء متوفر من حيث عُدة العمل، ونستفيد من علب الجبن وعلب حلاوة الطحينيَة ونقطعهم إلى حصالات كبت الفلوس، مؤكدًا أن أكبر العوائق التي يُواجهونها هي البحث عن خزانات الحديدة والبراميل التالفة.
وأسهمت الأوضاع التي تعيشها البلاد في إحياء هذه الصناعات التي تنافس كل المنتجات المتعلقة بالدواليب، لتخزين الملابس والأغراض الشخصية، ورفوف المطابخ الحديثة.
وتحظى الأدوات المنزلية المصنوعة من مخلفات الحديد الخردة بإقبال كبير، بخاصة أن أسعارها زهيدة مقابل أسعار مثيلتها المستوردة.
ويرى المواطن جمال علي أن أصحاب ورش إعادة تأهيل حديد الخردة، يخدمون المجمع بعمل أشياء مفيدة للناس وبأسعار يسيرة وغير مكلفة، لأنهم يستغلون مخلفات الحديد ويشتغلون من بقايا علب الجبن، فبدلًا من أن يقوم المواطن بشراء إنتاج خارجي، يقوم بشراء أدوات من صناعة محليَّة.
وقال: نحن نشكر هؤلاء العمال المبدعين الذين يقومون بهذا العمل الرائع لإفادة وخدمة المجتمع، رغم العوائق التي يوجهونها.
ودعا الموطن جمال علي المنظمات والمؤسسات الحكومية إلى دعم هذه الصناعات وأصحاب الورش الصغيرة، وذلك بتوفير مواد خام الحديد، وتوفير أدوات الكبس والتصنيع، لأنهم يعتمدون على العمل اليدوي أكثر من العمل الفني.
LEAVE A COMMENT