خبر خير – د. نهى ناصر
لم تكن النساء اليمنيات تقفْنَ على عتبات تشجيع كرة القدم ومعلوماتهن عن الكرة لا تتجاوز أسماء يحفظنها من كثرة ما يتكرر ذكرها في بيوتهن التي يتمتع أحد أبنائها أو كلهم بحب كرة القدم ومتابعة بطولة العالم، والدوري الأوروبي، والإسباني والإنكليزي.
وفي الأعوام الأخيرة أصبح صوت المرأة اليمنية المشجعة حاضرًا في وسائل التواصل الاجتماعي وفي المنازل والجامعات والمدارس، بين مشجعةٍ للاعب أو متابعة جيدة لمجريات كرة القدم وكل ما يتعلق بها من أخبار.
وتقول سمر محفوظ (طالبة جامعية): “كان خليجي 20 المحطة الأولى للاهتمام والتشجيع برياضة كرة القدم، حيث كان والدي يصحبني إلى ملعب 22 مايو في عدن؛ لمشاهدة المباريات، وهذا ما دفعني للتعلق بهذه الرياضة”.
تضيف سمر: “الذهاب لمشاهدة كرة القدم خلق لدي اهتمامًا وحبًّا لمتابعة الدوري الأوربي والإنجليزي وغيره، وأصبحت من مشجعات فريق ريال مدريد.
وقالت سمر: “لست الوحيدة من تَهْتم بالرياضة وتحب التشجيع، فهناك زميلات دراسة من المدرسة وأخريات في الكليَّة أظهرن اهتمامًا بكرة القدم ومتابعة الدوري، ولكل فتاة فريقها المفضل”.
بدايات التشجيع
عن طريق استطلاع لموقع “خبر خير” عن البدايات الفعليَّة للمرأة اليمنيَّة في تشجيع كرة القدم المحليَّة والدوليَّة وجدنا تفاوتًا للبدايات منذُ بداية الألفية إلى 2010م، وهي الانطلاقة الفعليَّة لتشجيع المرأة اليمنيَّة لكرة القدم التي تزامنت مع خليجي عشرين الذي انعقد في عدن.
ولا تختلف المشجعات اليمنيات عن المشجعين من الرجال في اقتناء تذكاراتٍ مثل التيشرتات(القمصان) التي تحمل اسم الفريق الذي تشجعه، أو الأساور أو الوشاح أو صور اللاعبين.
وتوكِّد وسيلة عبد الله (طبيبة) ” أن وسائل التواصل الاجتماعي تؤدي دورًا كبيرًا في تسليط الضوء على الكرة، وتبهر المشجعات ليكُنَّ جزءًا من عالم الكرة الذي عُرف أنه مُحيط ذكوري في مجمله، ومع السوشل ميديا يزداد الحماس والمنافسة “.
وقالت وسيلة لموقع “خبر خير”: “بدأت متابعة كرة القدم في مونديال المانيا 2006م، واليوم لم يعد تشجيع كرة القدم حكرًا على الذكور في منزلنا فقد صرت أنا وأُختي مشجعتين بارزتين في أُسرتنا”.
وتضيف: “لكل فتاة منتخب مفضل ونادٍ، وأنا منتخبي الأرجنتين، ونادي برشلونة”.
وأشارت وسيلة إلى وجود قطاع واسع من النساء المشجعات والمتابعات لكرة القدم في اليمن أبرزتهن السوشيل ميديا لا سيما الفيسبوك.
من جهتها قالت منى (معلمة من عدن): “أجد أن كرة القدم مهمة بالنسبة إلينا، كونها تجمعنا بكل أطياف العالم، ومن أجل متابعة الدوري نضطر إلى توفير جهاز خاص بنقل مباريات كأس العالم أو الدوري الأوربي وغيره مهما كلَّف الأمر، وقد نضطر إلى أن نجتمع في منزل إحدى الصديقات التي تملك جهازًا يمكننا من متابعة القنوات المشفرة، وأحيانًا نتابع المباريات عبر الإنترنت”.
وعن رأي الشباب اليمني في نقد المرأة وتحكيمها لسير المباريات عمومًا وكَّدت رانيا علي أن الشباب في اليمن لا ينتقصون من الآراء النقدية للفتيات حول سير المباراة أو التحكيم، بل على العكس نجدهم ينذهلون أحيانًا من كم المعلومات التي تملكها الفتيات المهتمات بالكرة والرياضة عمومًا.
وتقول رانيا: “إن لوسائل التواصل الاجتماعي دورًا في نشر ثقافة كرة القدم بين الفتيات في اليمن، بالإضافة إلى الأهل الذين يرون أن متابعة الفتاة لكرة القدم واهتمامها بها أفضل من متابعة المسلسلات والدراما”.
كرة القدم أحداث جديدة لا دراما محروقة
ترى هناء صالح (طالبة في جامعة عدن) “أن مشاهدة مباريات كرة القدم وتشجيعها أمرٌ ممتع ويخلق جوًّا من الحماس، فكل شيء جديد في الرياضة من أحداث وتطورات، ومواجهة اللعبة بعكس القصص والمسلسلات أو الأفلام، فبالإمكان لأحد أن يحرق أحداثها فتتضح نهايتها في وقت مبكر من المشاهدة”.
وتضيف هناء: “أحداث كرة القدم تجمع الناس بمختلف توجهاتهم، وبالتشجيع وعبر كرة القدم يعم السلام بين الناس في المجتمع، فالكرة تجمع أطياف البشر من كل العالم، وتحمل جوهر التعايش والقبول بالآخر، وعند نهاية كل مباراة نعرف النتيجة عندما يصفر الحكم، ثمَّ تفتح المباراة بعد انتهائها بابًا للنقاش حول مجرياتها بين لمة الأهل، وعلى السوشل ميديا”.
فريق كرة قدم يمني نسائي
طالبت المشجعات اليمنيات بضرورة تأسيس فريق كرة قدم خاص بالمرأة اليمنيَّة، كون الرياضة استحقاقًا للمرأة اليمنيَّة ولابد أن تحصل عليه.
وطالبت رانيا بتأسيس فرق كرة قدم نسائي في المدن الرئيسة، وقالت: “إن الرياضة شيء مهم في حياتينا، وتعكس جانبًا إيجابيًّا ومردوده كبير صحيًّا ونفسيًّا متى ما تحول إلى سلوك، وقد يكون مصدر دخل لكثير من الأسر”.
وسيلة (مشجعة رياضية) هي الأخرى تطالب بفريقٍ كرويٍّ يجمع بين لاعبات من شتَّى المحافظات اليمنيَّة، ووكَّدت أنها ستنظم إلى الفريق النسائي الذي يمثل اليمن في كرة القدم، وستطلع كل زميلاتها على هذه التجربة.
وعن أهميَّة كرة القدم وتفضيلها على الرياضات الاُخرى قالت: “كرة القدم ساحرة وممتعة وتجمع بين الشعوب عامة، وتعدُّ من أفضل الرياضات وأكثرها انتشارًا، فهي لعبة أبرزت مواهب خُلدت عبر التاريخ أمثال مارادونا وبيليه وروبيرتو كارلوس، ورونالدينيو وآخرين.
أماني الخطيب (معلمة من عدن) تقول: “وفي وقتنا الحالي الذين استطاعوا أن يحققوا إنجازات مختلفة في نوادٍ عريقة وعديدة، هم من جعلوا كرة القدم جزءًا من حياتنا ورغبونا في متابعة كل ما يستجد من أخبار عن هذه الرياضة التي دخلت في كل البيوت اليمنيَّة”.
وتضيف أماني: “بالنسبة إليَّ بدأت التشجيع في٢٠٠٢م بالتزامن مع مونديال كوريا الجنوبية واليابان، وللأسف بالنسبة إلى مجتمعي هناك عدد قليل من النساء المهتمات بكرة القدم في اليمن”.
وتوكِّد أماني أن أجمل فترة لكرة القدم بالنسبة إليها بوصفها مشجعة كانت ما بين ٢٠٠٢ إلى ٢٠١٠م، والتي تعد ــــ من وجهة نظرهاــــ العصر الذهبي للاعبي كرة القدم، بعدها اعتزلت الأسماء الكبيرة في هذه الكرة وبدأ حماسها يتضاءل عند متابعة هذه الرياضية.
واتَّهمت أماني الشباب بالسخرية من الفتيات المشجعات، ليس هذا فحسب بل إنهم ينتقصون من قدرتهن على إبداء الآراء النقدية حول التحكيم أو سير المباراة عمومًا، وقالت: “الرياضة للجميع وليست حصرًا على الذكور فقط”.
تستمر النساء في اليمن بتشجيع مُباريات كرة القدم لا سيما الدوري الإنجليزي والإسباني والإيطالي، وقد تمكنَّ من تأسيس مجموعات عبر وسائل التواصل الاجتماعي؛ لتبادل الآراء والنقاشات والتعليق على مجريات سير المباريات.
كما يقمن أيضًا وباهتمام ملحوظ بنشر الأخبار الرياضية على مواقع التواصل الاجتماعي، وفتح موضوعات للنقاش بعد كل مباراة، وتبادل الآراء كنشاط قد يتطور يومًا إلى وسائل إعلاميَّة يمنية تُعنى بالشأن الرياضي، وتأسيس نوادٍ رياضية خاصة بالمرأة اليمنية.
LEAVE A COMMENT