خبر خير – عبدالجليل السلمي
يساعد التعليم على تأمين مستقبل الأطفال كأفراد ومواطنين. ومعظم من يتقلدون مناصب مرموقة في المؤسسات العامة والخاصة، وكذا الأطباء والمهندسون والمعلمون، ومن يتربعون اليوم على رأس هرم أكبر الشركات والأعمال، هم محصلة استثمار آبائهم في تعليمهم خلال مسيرة تحصيلهم العلمي.
ووراء كلِّ طالب في التعليم الأساسي والثانوي والعالي قصة مكنته من التعليم، يقف خلفها الأب أو الأم، معظمها رحلة كفاح لتحصيل المال من أعمال شاقة، واستثماره في تعليم الأبناء.
أولادي هم المستقبل الذي أسعى إليه، فهم مستقبلي ومستقبل هذا الوطن، هكذا ينظر المواطن عبد الله الأحمدي إلى أولاده.
يعمل في مشروعه الصغير لبيع المواد الغذائية مدة ثماني عشرة ساعة في اليوم ــ حسب قوله ــ ليستثمر دخله في تعليم أبنائه.
يحاول أن يوفر لهم كلَّ أساليب التعليم الممكنة ليتمكنوا من تنمية مهاراتهم وقدراتهم وتحقيق أحلامهم، فهو يدرك تمامًا أنهم جيل المستقبل الذين يعول عليهم في بناء الوطن.
ويقول الأحمدي لـ”خبر خير”: “من ينفق كل ما يملك على تعليم أبنائه فلن يخسر أبدًا، لأنه ينفق ذلك في المكان الصحيح، وسينعكس ذلك إيجابًا على مستقبل أولاده، وسيخدم بذلك الوطن الذي ينتظر منا أجيالًا تعمل على تنميته وتطويره”.
شكري عبد اللطيف هو الأخر، يتحدث لـ”خبر خير”، فيقول: إن أهم أولوياته في الحياة هي تعليم أولاده، وإنه يعمل 12 ساعة في اليوم من أجل توفير الغذاء، ومستلزمات الدراسة ومصاريفها.
ويُبْدي شكري عبد اللطيف ـــ والد لأربعة أبناء يدرسون في المرحلة الأساسية والثانويةـــ شعوره بالسعادة لتفوق أبنائه في الدراسة وتحقيقهم مراتب ضمن قائمة العشرة الأوائل كل عام.
وقال شكري عن أولاده الذين يحققون درجات عالية في كل المواد: “أشعر بالفخر كلما أشاهد كشف درجات النتائج والمنافسة بينهم، وأدعمهم بكل ما أملك حتى يحققون ما لم أستطع تحقيقه”.
وتابع: “كل ما أدَّخره من دخلي المحدود من عملي الشاق، أستثمره في تعليم أولادي وتنمية قدراتهم، وأحرص على تسجيلهم أيام عطلة نهاية كل عام دراسي في معاهد للحصول على دورات في اللغة الإنجليزية والحاسوب”.
هكذا يبدو حال الكثير من الآباء الذين يستشعرون المسؤولية، ويعملون بإخلاص من أجل مستقبل أبنائهم.
ويشير تقرير التنمية البشرية إلى أن اليمن كان قد قطع مراحل متقدمة في القضاء على الجهل، وأحرز تقدُّمًا في التعليم، وبلغ إجمالي الالتحاق بالمدارس الابتدائية 101 % في عام 2013م.
وبلغت نفقات وزارة التربية والتعليم 341.3 مليار ريال خلال عام 2014م، منها 88 % أجور ومرتبات و4.1% نفقات على السلع والخدمات والممتلكات.
ونسبة الإنفاق على قطاع التعليم خلال عام 2014م في حدود 15 % من إجمالي النفقات العامة، ويذهب قرابة 81 % من نفقات قطاع التعليم نحو التعليم الأساسي والثانوي.
وكان للصراع الذي يعيش عامه السابع تداعيات سلبية على التعليم في البلاد، وتقول الأمم المتحدة: إن مليوني طفل من أصل سبعة ملايين في سن الدراسة في اليمن لا يذهبون إلى المدرسة على الإطلاق.
وتبعًا لتقارير الأمم المتحدة، أُوقِفَ التعليم في أكثر من 2500 مدرسة في اليمن، ثلثاها تضررا من الهجمات، وغيرها أُغلِقت بسبب قلة الموارد وعدم القدرة على دفع الرواتب والتكاليف.
ولدى المنظمات الأجنبية، وأذرع العمل الإنساني للحكومات الخارجية، والبنك الدولي الذي يعمل بالشراكة مع الاتحاد الأوروبي والوكالة الأمريكية للتنمية وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي واليونيسف، كل هؤلاء لديهم برامج لدعم التعليم في اليمن.
ونقل المجلس النرويجي للاجئين عن مالكة محمد (26 عامًا، تعمل مساعد مدرس في المجلس النرويجي للاجئين في اليمن) قولها: “إذا لم نستثمر أكثر في التعليم، فإننا نجازف بفقدان جيل كامل. يضمن التعليم السلام والاستقرار ويعطي الأمل لجيل الشباب من اليمنيين”.
وتقول المعلمة زهرة أمين أحمد محمد: “الاستثمار في التعليم هو أحد أهم الأشياء التي نقوم بها، إنها الطريقة التي نرسي بها الأساس لكل من النمو الشخصي والتنمية المجتمعية”.
والإعانة التي تقدمها برامج ومشروعات العون الإنمائي والإنساني الخارجي لليمن في قطاع التعليم، هي ترميم المدارس المتضررة من الصراع وتأثيثها، والإسهام في دفع بعض مستحقات المعلمين، ودعم الأطفال النازحين للالتحاق بالتعليم، وطباعة المناهج المدرسية.
LEAVE A COMMENT