خبر خير – رُقيَّة دنانة
بلغ عدد رخص قيادة السيارة الممنوحة للنساء في عدن أكثر من 2000 رخصة في عام 2021م.
وأكَّدت إدارة المرور في عدن لموقع “خبر خير” أن “عدد الرخص الممنوحة من عام ٢٠١٠م إلى إبريل 2021م هو حوالي ٢٠٠٠ رخصة “ليسن”، وتستثنى من هذه الإحصائية النساء اللواتي يقدن السيارات من دون استخراج رخصة قيادة، كونهن يقدن سيارات ذويهن”.
استقلاليَّة لا تخلو من الصعوبات
إن الحديث عن تمكين المرأة يتّصل بقدرتها على إدارة وقع حياتها اليوميَّة بكفاءة بمعزل عن احتياجها للآخرين. وعن ذلك تقول ماجدة حمادي، موظفة: “إن قيادتي السيارة عزَّزت من ثقتي بنفسي، وأعطتني دافعًا أكبر لمواصلة مسيرتي المهنية، وتحقيق كلّ الذي كنت أحلم بالوصول إليه”. وتضيف: “إن قيادة المرأة للسيارة تعطيها نوعًا من الاستقلاليَّة التي تُمكّنها من الانطلاق نحو المستقبل بخُطى واثقة”. وترى سمية، إحدى سائقات السيارة أن “المرأة تواجه العديد من الصعوبات فيما يخصّ تحركاتها. فهي إذا احتاجت إلى الخروج من أجل عمل مهم ولم يكن والدها أو زوجها أو أخوها موجودًا، فإنها تضطر إلى استخدام سيارات الأجرة التي غالبًا ما تتسبّب في وصولها متأخرة إلى مكان عملها”، مضيفةً أن السبب الذي دفعها لتعلّم قيادة السيارة هي المواقف الطارئة والأحداث التي تمرّ بها البلاد.
إلَّا أن هذه الاستقلاليَّة لا تخلو من المنغصّات، حيث تتعرض السائقة في بعض الأحيان للمضايقات على الطرقات العامة. فتقول حمادي: “لا يوجد احترام لقيادة السيارة، والناس لا يلتزمون كثيرًا بالقوانين الخاصة بتنظيم السير خصوصاً عندما يشاهدون امرأة تقود سيارة، فيستنكرون الموضوع وكأنها لا تجيد السواقة، ويرون أنها دائمًا ما تكون سببًا في حصول أزمة سير”.
وترى فاطمة العباد، صحفية ومعيدة في كليَّة الآداب في جامعة عدن، أن هناك تحديات كبيرة وصعوبات بالغة خاصة في مجتمعنا المحلي قائلةً: “أنا أقود سيارتي منذ حوالي الشهر والنصف. وفي كلّ مرة أخرج من المنزل أواجه مضايقات وردود أفعال من الشارع مبالغ فيها، أهالي مجتمعنا لم يتقبلوا بعد فكرة قيادة المرأة للسيارة حتى الآن”.
وتواصل العباد حديثها: “أمَّا على المستوى الشخصي فكانت الصعوبات أكبر وتتمحور حول قلّة خبرة النساء في قيادة السيارات بعكس الرجال الذين يمتلكون خبرة أكبر، وذلك لأن أغلبهم قد تعّلم سواقة السيارة والدرجات النارية في سنّ مبكرٍ، ولكني لم أجعل هذا الأمر عائقًا يمنعني من مواصلة تعلمي لقيادة السيارة”.
حقّ من حقوقها
في اليمن ليس من نصٍّ قانونيّ يرفض قيادة المرأة السيارة، بل إن أوّل امرأة قادت سيارة تاكسي كانت عيشة صالح في عدن، لكن الغريب في الموضوع هو تزايد أعداد النساء اللّواتي يقدن السيارات في المدن اليمنيَّة في ظلّ الصراع القائم في البلد.
الناشطة الحقوقية تهاني الصراري تحدثت مع موقع “خبر خير” قائلةً: “من الطبيعي أن تحصل النساء على حقهن في القيادة ولا أعلم لماذا طُرِحَ سؤال – هل من المعقول أن يكون خلاف على أحقيَّة قيادة المرأة السيارة من عدمه في العام 2021؟ – فالنساء أصبحن أكثر إقبالًا على تعلّم قيادة السيارة، والقانون والدستور أعطاهن الحقوق كافة التي تمكنهن من ممارسة أنشطتهن بطريقة طبيعية، فليس من قيود تمنعهن من استخدام حقهن في قيادة السيارة.
وتتفق معها سمية التي ترى أن “العادات التي قيّدت النساء قديمًا ومازالت طاغية في بعض المناطق، جرى التغلّب عليها خصوصًا أن القانون قد كفل للمرأة هذا الحق. لكنَّ للواقع منبرًا آخر وسوطًا طاغيًّا على الجميع. فأزمة البنزين صعَّبت على المرأة مثل الرجل الوقوف في طوابير البنزين التي تستمرّ في بعض الأحيان إلى أيام”.
إيجابيات وسلبيات المجتمع
إن تعميم المنظور السلبي من قبل المجتمع تجاه المرأة التي تسوق السيارة، في مجمله خاطئ. وعلى ذلك تعلّق سمر محمد قائلةً: “يجب أن نكون منصفين فيما إذا تحدثنا عن تعامل المجتمع مع السائقات. فعلى سبيل المثال عندما يشحُّ البنزين ويقف السائقون في طوابير، يتعاون من في المحطة مع المرأة، أو حتى السيارة التي تحمل النساء والأطفال، حيث يسمح لهم بتجاوز طابور السيارات وتعطى لهم الأولوية في تعبئة البنزين حتى لا يضطررن إلى الوقوف في الطابور الطويل. كما أن سائقي السيارات والمارة أيضًا يساعدون السائقات لاسيما المبتدئات في صفّ السيارة فيما إذا واجهت مشكلة أو تعطلت السيارة فجأة”.
من جهته، يرى محمد ناصر أن الاوضاع الراهنة تُحتِّم على المرأة أن تمتلك سيارتها الخاصة لإتمام أعمالها ومهامها في سيارتها بدلًا عن المواصلات العامة. ويعتبر ناصر أن: “كثيرون هم الرجال الذين يدعمون حقَّ النساء في امتلاك وقيادة السيارة فيما إذا كانت الإمكانات متوفرة، فالمرأة التي احتاجت إلى أخيها أو أبيها أو زوجها أو أحد أفراد العائلة ليبقى معها ليقود لها السيارة اليوم يمكنها أن تتكفل هي بذلك، ولا تحتاج إلى أحد ولا تتأخر بسبب وسائل النّقل”.
وتبقى قيادة المرأة اليمنية للسيارة تمثل نسبة ضئيلة جدًّا لا تتعدى 2%، في الوقت الذي أصبحت فيه المرأة اليمنيّة تحضر بنسبة كبيرة في سوق العمل، والوظائف والأعمال الخاصَّة التي كان جزء كبيرٌ منها حكرًا على الرجل.
LEAVE A COMMENT